الإدارة الصفية الناجحة

في أيامنا هذه على الرغم من الجهود التي يبذلها المعلمون إلا أنهم يواجهون صعوبات في إدارة الصف وتحقيق النجاح الأكاديمي الفعال وذلك تبعاً لأنماط الشخصيات المختلفة للمتعلمين، بالإضافة إلى السعي المستمر للحصول على صفوف مثالية بتلاميذ مثالية وفق طرق تقليدية.

علينا كمعلمين أن نكون واعيين تماماً أن البيئة الصفية هي مكان يتعلم فيه الطلاب أشياء جديدة ويعززون معارفهم وينشؤون خبرات جديدة وربما يمارسون خبرات سابقة وفي بعض الأحيان ينخرط الطلاب في الدردشة أو إنشاء أي نوع من المشاجرة وهذا النوع من البيئة غير مناسب للتعلم، لذا هذان هما المكان والوقت المناسبين اللذان يجب على الإدارة الصفية أن تتدخل، حيث تتطلب مثل هذه الأماكن خبرة مناسبة حيث يوجد العديد من الطلاب في الفصل الدراسي في وقت واحد.

الإدارة الصفية:

تعني إدارة الفصل الدراسي وهي عملية تتضمن إنشاء بيئة تعليمية منظمة وآمنة وإيجابية، تضمن الحفاظ على تواصل فعال وقواعد واضحة وإجراءات وعلاقات إيجابية مع الطلاب.

حسنا، قد يبدو الأمر صعبًا، ولكن ليس من المستحيل الحفاظ على اللباقة في الفصل الدراسي، حيث تعد إدارة الفصل الدراسي مهمة، لأنها تساعد في إنشاء بيئة تعليمية تهدف لتحقيق نجاح فعال للطلاب واكتساب خبرات وعلاقات إيجابية، عندما يشعر الطلاب بالأمان والراحة في بيئة التعلم الخاصة بهم، فمن المرجح أن يكونوا مشاركين ومتحفزين للتعلم أكثر من الطلاب المرغمين على حضور الفصول الدراسية أو الذين كونوا علاقات سلبية تجاه المدرسة بشكل عام وتجاه الفصل الدراسي بشكل خاص، بالإضافة إلى ذلك، فإن وجود فصول دراسية مُدارة جيداً يمكن أن يساعد في تقليل المشكلات والاضطرابات السلوكية وتدعم نجاح الطلاب وتقدمهم الدراسي.

إذ أن هناك العديد من الأساليب المختلفة لإدارة الفصل الدراسي، ولكن بعض العناصر المشتركة تشمل إنشاء قواعد وإجراءات لضبط سلوك التلاميذ في الفصل الدراسي والحفاظ على علاقة إيجابية مع الطلاب، والتواصل الفعال، واستخدام صنع القرار القائم على البيانات.

مهارات التدريس الجيدة وتقنيات التعلم الحديثة التي تدمج في عملية التعلم مفيدة بشكل فعال أثناء محاولة الحفاظ على الإدارة الصفية للفصول الدراسية.

هنا علينا أن نعلم ما هو دور الأساتذة في الإدارة الصفية؟

المعلمون يلعبون دور مفصلي وأساسي في إدارة الفصل الدراسي، فهم المسؤولون عن الإدارة الصفية حتما وبشكل خاص وموجه، فهم من يصنعون البيئة التعليمية الإيجابية ويحافظون على الأنظمة والقواعد الصفية وضبط السلوك في الفصل الدراسي، وهم من يضمنون مشاركة متساوية وفعالة للطلاب جميعهم على حد سواء.

بعض الأساتذة المخضرمين يستخدمون مجموعة من الأساليب والاستراتيجيات التفاعلية المتنوعة التي تساعدهم على ضبط سير الفصل بسلاسة، فيضعون قواعد ويُعلِمون التلاميذ بها ويضعون توقعات ونتائج للفصل الدراسي ويتابعونها بانتظام ليضمنوا اتساق التوقع مع النتيجة.

إذا، الآن يمكننا أن نستنتج أن إدارة الفصل الدراسي تعد جزءاً حيوياً من عملية التدريس، وتتطلب معلماً على دراية بالآليات التي تساعده على إنشاء إدارة مناسبة في الفصل، ومواكبه لما قد ذكرناه سابقاً في مقالات عن شخصيات المتعلمين وأدوات التعلم التفاعلية والضبط الإيجابي، حينها يمكن لإدارة الفصل الدراسي أن تُحدث فرقاً بين الفصل الدراسي الناجح والفصل الفوضوي وغير المنتج بشكل قطعي.

حيث إنه من المهم جداً خلق بيئة إيجابية في الفصل وهذا يعتمد إلى حد كبير على المعلم إذ يمكن إنشاء بيئة تعليمية إيجابية باستخدام أساليب تعليمية جذابة وتوفير الفرص لإدخال الطلاب، هذا سيثمر بمُناخ من الاحترام والتعاون، حيث يشعر الطلاب بالأمان لتحمل المخاطر وطرح الأسئلة، وعندما تظهر المشاكل سيقوم المعلم بمعالجتها بسرعة وكفاءة لتقليل تعطيل عملية التعلم، وهنا سيكون الطالب قادر على الثقة بالمعلم وبيئة الفصل الدراسي.

لذا، دعنا نتخيل ان كل هذه الأمور اجتمعت لدينا ونحن الآن بحاجة لمعرفة ماهي أدوات الإدارة الصفية؟

أن يكون لدينا إدارة صفية جيدة لا يعني محاولة جعل فصولنا الدراسية وطلابنا صامتين بلا أي حركة، إن كل فصل دراسي له روح وسمة خاصة به يشكلها الطلاب والمعلم، بداية دعونا نبدأ بالخمس قواعد الذهبية للإدارة الصفية:

  1. وضع قواعد وتوقعات واضحة:

 من المستحيل إدارة الفصل الدراسي دون وضع حدود، وهذه الحدود تكون عن طريق وضع قواعد واضحة يتم الاتفاق عليها من قبل الطرفين وهما المعلم وطلابه، حيث تكون واضحة ومشروحة ويتم التأكيد على الالتزام بها، كما ويتم وضع توقعات واضحة ومعروفة لجميع الطلاب في حال عدم الالتزام بها أو مخالفتها، كما ويمكن تعديلها بحسب الظروف الفصلية، حيث إن هذه الأساليب تجعل من الطلاب يشاركون في صنع القرار وتحمل المسؤولية، وتأخذ بعقولهم اليافعة وتضمن تركيزهم.

  • معرفة الموضوع:

تعتبر من أهم القواعد التي تستخدم في الإدارة الصفية، حيث إن معرفة الطلاب للموضوع الذي سيتم أخذه يجعل من المعلومات متسلسلة التدفق إلى عقولهم، وقد يحفز معرفة الموضوع بعض الطلاب للبحث عن معلومات تخدم الموضوع، أو البحث عن دراسات تتعلق بذلك، حيث أن عدم معرفة الطلاب بموضوع الحصة الدرسية قد لا يجذب انتباههم وبذلك تضيع فرصة جذب الانتباه وتحدث الفوضى والشغب.

  • تعزيز السلوك الإيجابي:

إن لغة المعلم مع طلابه ولغة جسده الإيجابية أيضاً تلعب دوراً كبيراً في الإدارة الصفية، حيث أنها تؤثر بعمق على الطلاب و تضيف طابعاً وروحاً إيجابية فيما بين الطلاب، إذ أن المعلم بهذه الطريقة يعطي ثقة وأمان للطلاب بأنه مسيطر وقادر على التعامل مع الضغوط أو التحديات التي قد تواجههم في الفصل الدراسي، وهذا ما يحث الطلاب على الشعور بالراحة ورفع تركيزهم وتركيز جهودهم على المشاركة والتفاعل بشكل أفضل وأن يطرحوا تساؤلاتهم واستفساراتهم وربما أفكاراً جديدة وأن يفتحوا أبواب المناقشة دون خوف، وهذا ما يطور مهاراتهم ويحفز فضولهم، لكن على المعلم أن يضبط الأمور بما يتناسب مع الظروف الصفية والوقت.

  • بناء علاقات هادفة وإيجابية مع الطلاب:

إن بيئة الاحترام والرعاية المتبادلين مهمة للبشر على مختلف أعمارهم، بالتالي فإن هذا يمنح اتصالا على مستويات أعمق بكثير من سلطة وسيطرة المعلم على طلابه، إذ أن الاحترام والإيجابية تساعد على بناء علاقات ذات مغزى وهدف مع الطلاب و المعلم، وبذلك يكون المعلم قادراً على إدارة الفصل دون بذل الكثير من الجهد لأن الطلاب حريصون بالفعل على مقابلة معلمهم المفضل بالمثل والاستماع إليه، إذ يجب أن يعلم المرء أن مثل هذه العلاقات لا تُبنى بين عشية وضحاها وقد تستغرق بعض الوقت لذا علينا بالمحاولة، التجريب، السعي وعدم الاستسلام.

  • دور الآباء والأوصياء:

من المفروغ منه أن مهمة المعلم هنا كبيرة وعليه الكثير من الزخم لجعل عملية التعلم فعالة وناجحة و أن تحقق هدفها الأسمى وهو تنشئة سليمة وإيجابية، لكن من المهم معرفة أن دور الأولياء هو على نفس القدر من الأهمية، فهم جزء مهم من حياة كل طالب، وتقع السلطة النهائية على الأهل ومدى التزامهم مع أبنائهم ومتابعتهم ومدى إيجابيهم معهم، حيث أن من واجب المعلم أن يطلع الأهل على مستوى الطالب وأن يمدهم بالملاحظات التي يحتاجونها لمتابعة وتحسين وضع أطفالهم، فلا يمكن إنجاح المسيرة العلمية لطالب دون تكاتف الجهود بين الآباء والأوصياء وبين المعلمين ليصلوا الى الهدف المرجو من أطفالهم.

 عزيزي المعلم إليك خلاصة لتستخدمها في فصلك الدراسي:

  • قم بإشراك الطلاب في إنشاء إرشادات الفصل الدراسي.
  • تأكد من أن جميع الطلاب على دراية بقواعد الفصل.
  • استخدم التعزيز الإيجابي (المديح، المكافآت، إلخ) كلما أمكن ذلك لتشجيع السلوك الجيد، لكن دون إفراط.
  • تأكد من أن سلوكك مثالي في جميع الأوقات، إذ أنك مرآة طلابك وتأكد انهم سيقابلونك بالمثل.
  • خطط مسبقًا، أعد خطتك الدرسية واستراتيجيات التعلم التي ستستخدمها وكن منظمًا جيدًا حتى تسير الدروس بسلاسة.
  • راقب الطلاب عن كثب أثناء الفصل وتدخل إذا لزم الأمر، وحافظ على احترام الطلاب فيما بينهم وتصرفهم بلباقة وإيجابية.
  • كن متاحاً للتحدث إلى الوالدين أو الأوصياء إذا كانت هناك أية مخاوف، وكذلك بالنسبة للطلاب كن داعماً لهم باستمرار.
  • حلل احتياجات الطلاب واعتمد نهج مرن تجاه مشاكلهم، وساعدهم على معرفة الحلول بأنفسهم، افتح لهم مجال التفكير وإيجاد الحلول دون إعطاء قوالب جاهزة لهم.
  • دعهم يعيشون التحدي ويجدون المخرج منه، حافظ على توجيهك لهم بشكل غير مباشر.

علينا ان نعلم كمعلمين أن الإدارة من الأدوات المهمة والفعالة والناجحة إذا ترافقت بقية العناصر التي سبق لنا وتحدثنا عنها، كما علينا التركيز على أنها قد تشبه الضبط الإيجابي لكنها مختلفة إذ أنها تركز على أداء الطالب وعلاقته بمعلمه ضمن الفصل الدراسي في جوهرها، وعلينا معرفة أن العملية التعليمية هي مغامرة حماسية يحتاج الطالب أن يحبها فعلاً ويعيشها بإيجابية، أن يستمتع في كل لحظة مدرسية وأن تشكل ذكريات حين يتذكرها يشعر بالفرح والإيجابية تغمره، وأن دورنا هو أن نساعده ليعيشها ويحبها لا أن يكرهها ويحاول التهرب منها بأي شكل.

بقلم: نور بريمو

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Refund Reason